كارل "الشجاع".. هل يكون مفاجأة ألمانيا في مونديال 2026؟

 

 


 

لم يكن لينارت كارل راضيًا بعد. كان اللقاء قد انتهى منذ فترة طويلة، وكان بايرن ميونخ في طريقه إلى المنعطف الجنوبي، للاحتفال مع مشجعيه بالفوز (4-0) على كلوب بروج البلجيكي، أمس الأربعاء في دوري أبطال أوروبا.

عندها، أمسك اللاعب البالغ من العمر 17 عامًا بالكرة مرة أخرى، وسددها من مسافة بعيدة في المرمى الخالي. كان مشهدًا صغيرًا وغير مهم، لكنه مثال على تمتعه باللعب، وشغفه بتسجيل الأهداف.

قبل ذلك بحوالي ساعتين، فعلها كارل مجددًا. تلقى الكرة في وسط الملعب، وانطلق مباشرةً نحو المرمى، متجاوزًا خصومه واحدًا تلو الآخر، قبل أن يسدد بقدمه اليسرى من حدود منطقة الجزاء، مسجلًا هدفًا رائعًا منح فريقه التقدم 1-0. 

بعد المباراة، كان تفسيره بسيطًا كما بدا هدفه، لكنه في الحقيقة لم يكن كذلك: "لقد سددت الكرة ببساطة، ثم دخلت المرمى".

تسديد الكرة ببساطة، القيام بالأمور ببساطة، الجرأة والشجاعة بدلًا من الخوف.. هذه هي الصفات التي تميز الموهبة الكبيرة عن الموهبة العادية. 

صفات أكدها جميع من تحدث عنه، من المدير الرياضي كريستوف فرويند إلى المدرب فينسنت كومباني، وصولًا إلى المهاجم هاري كين. 

أما ألكسندر بافلوفيتش، آخر لاعب من أبناء النادي الذين نجحوا في الانطلاق مع بايرن ميونخ، فقد لخّص الأمر بأقصر وأوضح عبارة: "إنه ببساطة شجاع".

"لا خوف"

أما كارل نفسه فيقول: "أنا أسجل أهدافي، لا أخاف من الخصوم، وفي الواقع لا أشعر بأي ضغط". 

من الواضح أنه لم يشعر بأي ضغط فعلًا، خاصةً بعدما توقع له الجهاز الفني تسجيل هدف. 

يقول فرويند: "جلسنا مع المدرب في غرفة الملابس، وقلنا: لدينا شعور بأن ليني سيسجل أول أهدافه اليوم"، فرد كارل لاحقًا مبتسمًا: "كل شيء سار على ما يرام".

هدفه لم يكن مجرد لمسة فنية جميلة، بل لحظة تاريخية أيضًا. ففي سن 17 عامًا و242 يومًا، أصبح كارل أصغر لاعب ألماني ومن بايرن ميونخ يسجل هدفًا في دوري أبطال أوروبا، محطّمًا الرقم القياسي السابق لجمال موسيالا.

خطوة مفاجئة

وبسبب غياب موسيالا منذ فترة طويلة، وإصابة سيرجي جنابري، وتراجع أداء نيكولاس جاكسون مؤخرًا، قرر كومباني، في خطوة مفاجئة لكنها منطقية في ظل نقص الخيارات، إشراك كارل أساسيًا أمام كلوب بروج. 

كانت تلك ثالث مباراة له أساسيًا هذا الموسم، إلى جانب 6 مشاركات كبديل، لكنها الأولى له في دوري الأبطال.

لم يلعب كارل في مركزه المعتاد على الجناح الأيمن، بل شغل مركز صانع الألعاب خلف المهاجمين. كان محور أداء بايرن ميونخ، ليس فقط بفضل موقعه في الملعب، بل بأدائه أيضًا: مراوغة هنا، تمريرة بالكعب هناك، تسديدة فنية في لحظة أخرى. كما أظهر قوة كبيرة في الضغط واللعب دون كرة، ليستحق عن جدارة جائزة أفضل لاعب في المباراة.

كأس العالم

وفي الدقيقة 69، خرج كارل وسط تصفيق جماهيري حار. بعدها مباشرةً اندلع الجدل: هل يمكن أن يكون هذا الشاب ضمن تشكيلة ألمانيا في كأس العالم المقبلة؟

قال القائد مانويل نوير: "لا شك أنه لا يزال أمامه طريق طويل، لكن المستقبل مفتوح أمامه تمامًا ليسلك هذا الاتجاه". أما هاري كين فأوضح: "ما زال أمامه بعض العمل ليقوم به حتى يصل إلى البطولة، لكن من يدري؟ إذا واصل اللعب بهذا المستوى، ففرصته قائمة".

ويُعرف مدرب المنتخب الألماني، يوليان ناجلسمان، بإيمانه بالمواهب الشابة ومنحها الفرص مبكرًا. المثال الأقرب هو ألكسندر بافلوفيتش، الذي بدأ موسم 2023/24 في الفريق الرديف، ثم شق طريقه بسرعة نحو الفريق الأول، ليصبح لاعبًا أساسيًا ويقترب من المشاركة في يورو 2024، قبل أن تبعده إصابة اللوزتين في اللحظة الأخيرة.

أما كارل، فيتعامل مع الضجة المحيطة به بهدوء شديد، حيث يقول: "لا أفكر الآن في كأس العالم، يجب أن ألعب أولًا في فرق تحت 20 وتحت 21 سنة"، متجاوزًا فرق تحت 18 و19. فهو حتى الآن لم يلعب سوى في فئة تحت 17 سنة مع "الماكينات".

رأي كومباني

المدرب كومباني قال عن هذا الأمر: "أنا لست من محبي الضجة التي ستحيط به الآن. أنا من محبي التدريب والهدوء". 

وعندما سُئل عما كان يفعله هو نفسه في سن 17، أجاب بابتسامة: "كنت ألعب في دوري الأبطال والمنتخب الوطني... كلاعب أساسي".

هكذا يواصل بايرن ميونخ تقديم نموذج مميز في كرة القدم الحديثة: الاعتماد على المواهب الشابة دون التخلي عن الطموح القاري. 

ورغم التحولات التي يشهدها الفريق، فإن روح النادي العريقة تظل العامل الحاسم في نجاح أي جيل جديد يرتدي القميص الأحمر.

ويخوض بايرن ميونخ موسمًا حافلًا بالتحديات والطموحات، تحت قيادة فينسنت كومباني، الذي يسعى إلى إعادة الفريق لقمة أوروبا بأسلوب لعب أكثر جرأة ومرونة. 

ويحتل الفريق صدارة الدوري الألماني، بعد سلسلة من الانتصارات القوية، مع أداء هجومي متوازن يقوده هاري كين.

كما يظهر البايرن قويًا في دوري أبطال أوروبا، حيث حقق 3 انتصارات على التوالي (العلامة الكاملة)، ليحتل المركز الثاني في جدول ترتيب الدور الأول، بفارق الأهداف فقط خلف حامل اللقب، باريس سان جيرمان.

ورغم الغيابات المؤثرة، وأبرزها موسيالا وجنابري وديفيز، فإن ظهور لاعبين شبان مثل كارل أعاد الحيوية للفريق، وأثبت أن العملاق البافاري ما زال يملك القدرة على تجديد نفسه، دون أن يفقد هويته.